الجارديان تدعو لتوفير الأموال لمواجهة الملاريا في أفريقيا

دعت صحيفة الجارديان البريطانية المملكة المتحدة والدول الأخرى لتوفير الأموال اللازمة لمواجهة تفشي وباء الملاريا في أفريقيا لإنقاذ حياة الأطفال الأبرياء.
وقالت الصحيفة – في مقال افتتاحي أوردته اليوم الثلاثاء، إن الملاريا مرض وبائي يفتك بأشد الفئات ضعفا فمعظم المصابين والمتوفين هم من الأطفال الصغار والنساء الحوامل في أفريقيا وهو القاتل المعدي الأول في القارة والمسؤول عن وفاة ما يقرب من 600 ألف شخص سنويا.. ووسط تزايد حالات الإصابة هناك حاجة ماسة إلى مزيد من التمويل، ومع ذلك تقوم الدول المانحة الغربية بتقليص المساعدات بدلا من ذلك، فمازلنا نسمع حديثا شجاعا عن القضاء على الملاريا.. لكن تقريرا صادرا عن خبراء يحذر الآن من احتمال عودة تفشي المرض، الأمر الذي قد يضيف ما يقرب من مليون حالة وفاة أخرى إلى الحصيلة السنوية بحلول نهاية العقد.
وأضافت أن معظم التمويل المخصص لمكافحة هذا المرض الذي ينقله البعوض -59%- يأتي من خلال الصندوق العالمي لمكافحة الإيدز والسل والملاريا.. وقال مديره التنفيذي، بيتر ساندز الأسبوع الماضي في القمة العالمية للصحة في برلين، إنه من بين الأمراض الثلاثة القاتلة، فإن الملاريا هي التي تؤرقه.
وأشارت الجارديان إلى أن هذا قد يكون نذير شؤم.. فالملاريا تقتل أسرع بكثير من فيروس نقص المناعة البشرية أو السل ، وسيظهر تأثير تخفيضات التمويل وتحويل المساعدات وإلغاء الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية (USAID) من جانب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب – والتي كانت تضم الكثير من الخبرات العالمية في مجال الصحة – في أرقام الملاريا بشكل أسرع من معظم الأمراض الأخرى.. لكن تدهور البيئة بفعل الإنسان يلعب دورا أيضا.
وأضافت أن أزمة المناخ تؤدي إلى تغيير أنماط هطول الأمطار وتمكين انتشار البعوض، وفي شرق أفريقيا، طورت الطفيليات بعض المقاومة للأدوية المشتقة من الأرتيميسينين، وهي أفضل الأدوية المتاحة لدينا لمكافحة المرض.. وحدث هذا مع الكلوروكين ومع جميع أدوية الملاريا الأخرى، مشيرة إلى أنه كانت هناك فرصة حقيقية بينما كانت الأدوية فعالة تماما، لكن هذه الفرصة تتضاءل، بينما يكمن الأمل الآخر في اللقاحات، وقد تم تطوير بعضها ونشرها ولكن على الرغم من أنها توفر حماية بنسبة 50% تقريبا ضد الوفاة من الملاريا في السنة الأولى – للطفل سعيد الحظ الذي يتلقى التطعيم- إلا أنها لا تمنع انتقال العدوى.
ولفتت الصحيفة، إلى أن حالات الإصابة ارتفعت بشكل كبير في عام 2023، وهو أحدث عام لدينا أرقام عنه، إذ وصلت إلى 263 مليون حالة، أي بزيادة قدرها 11 مليون حالة عن العام السابق.. ويدعم التقرير – الصادر عن مجموعة من الوكالات بما في ذلك منظمة ” لا مزيد من الملاريا في المملكة المتحدة” والتحالف الأفريقي لقادة مكافحة الملاريا – دعوة الصندوق العالمي لزيادة التمويل.. وتظهر تحليلات البيانات حجم الضرر الذي سيلحق بنا إذا تراجع مستوى مكافحة الملاريا، ويظهر كذلك الأثر الإيجابي الهائل على حياة الأفارقة واقتصاداتهم في حال استمر الضغط على الطفيل المسبب للمرض. إن تحقيق هدف التمويل السنوي لعام 2030 سينقذ 1.86 مليون حياة ويعزز الناتج المحلي الإجمالي الأفريقي بمقدار 231 مليار دولار، حيث سيبقى الأطفال الأصحاء في المدارس ويصبحون منتجين اقتصاديا بدلا من أن يشكلوا عبئا على المجتمع.
لكن خفض التمويل بنسبة 20% سيؤدي إلى 82 ألف حالة وفاة إضافية وانخفاض في الناتج المحلي الإجمالي بمقدار 5.14 مليار دولار.. أما الخفض الحاد في التمويل فسيعني 990 ألف حالة وفاة إضافية نتيجة لانهيار جهود الوقاية من الملاريا، وانخفاض في الناتج المحلي الإجمالي بمقدار 83 مليار دولار.
واختتمت الصحيفة البريطانية مقالها قائلة إن الأمر الذي يبعث على القلق، هو أن السيناريو الثاني بات وشيكا: فقد وعدت ألمانيا بتقديم مليار يورو للصندوق العالمي، وهو ما يمثل خفضا بنسبة 23% عن المساهمات السابقة، مشيرة إلى أن الملاريا مرض يصعب القضاء عليه -لكن ذلك ممكن- ومن غير المعقول بالتأكيد السماح بارتفاع عدد الوفيات مرة أخرى.. ودعت المملكة المتحدة – التي يتردد أنها تدرس خفض التمويل بنسبة 20%- والدول الأخرى لتوفير الأموال اللازمة مهما كانت ميزانياتها محدودة، لإنقاذ حياة الأطفال الأبرياء.



