توقيت تناول الدواء.. عامل خفي يحسم فعاليته ويحمي من مضاعفات خطيرة

لم تعد فعالية الدواء مرتبطة بالجرعة فقط، إذ يؤكد متخصصون أن توقيت تناول الدواء—قبل الطعام أو بعده أو في فترات معينة من اليوم—قد يصنع فارقًا كبيرًا في الامتصاص والنتائج الصحية.
ويؤثر الطعام بشكل مباشر على بيئة الجهاز الهضمي، إذ يغيّر مستوى الحموضة ويبطئ تفريغ المعدة، مما قد يقلل من التوفر الحيوي لبعض الأدوية ويحد من فعاليتها. ويبرز هذا بوضوح في أدوية مثل البايسفوسفونات لعلاج هشاشة العظام، والتي يفقد الجسم جزءًا كبيرًا من امتصاصها عند تناولها مع الطعام. لذلك يُنصح بتناولها في الصباح على معدة فارغة مع كوب ماء كامل، مع ضرورة الجلوس 30 دقيقة لتجنب اضطرابات الهضم.
وينطبق الأمر نفسه على أدوية الغدة الدرقية مثل ليفوثيروكسين، التي تحتاج إلى تناولها قبل الوجبات لضمان الامتصاص الأمثل.
وعلى الجانب الآخر، قد يسبب تناول بعض الأدوية على معدة فارغة أضرارًا خطيرة. فـ مضادات الالتهاب غير الستيرويدية، مثل الإيبوبروفين، قد تزيد من خطر القرحة وأضرار المعدة والكلى عند تناولها دون طعام، بينما يساعد الطعام في تقليل هذه المخاطر.
وتعزز أبحاث العلاج الزمني (Chronotherapy) أهمية التوقيت في تناول الأدوية بعيدًا عن الطعام. فقد أظهرت دراسات أن تناول أدوية ضغط الدم في الصباح لدى الأشخاص الذين يستيقظون مبكرًا يقلل خطر النوبات القلبية بنسبة 26%، بينما يرتفع الخطر عند تناولها مساءً. كما تكون الستاتينات قصيرة المفعول مثل لوفاستاتين أكثر فاعلية ليلًا، بينما توفر الستاتينات طويلة المفعول مثل أتورفاستاتين مرونة أكبر.
أما أدوية حرقة المعدة مثل أوميبرازول فتعمل بأفضل كفاءة عند تناولها قبل الطعام بـ 30 دقيقة، بينما يُنصح بتناول الجرعة الأولى من مثبطات ACE أو حاصرات بيتا ليلًا لتجنب الدوار المصاحب لبداية العلاج.
ومع اعتماد أكثر من 30 مليون شخص في بريطانيا على وصفات طبية يوميًا، يؤكد الخبراء أن اختيار الوقت المناسب لتناول الدواء قد يكون مفتاحًا لصحة أفضل وتقليل المضاعفات، في ظل علاقة وثيقة بين الساعة البيولوجية للجسم وفعالية العلاج.




