خبراء: اضطراب ما بعد الصدمة استجابة دماغية لا ضعف في الشخصية

تؤكد دراسات نفسية أن الصدمات الحياتية — مثل فقدان الأحبة، أو التعرض للعنف، أو الحروب، أو الكوارث الطبيعية، أو حتى الطلاق — يمكن أن تترك آثارًا نفسية عميقة تمتد إلى الحياة اليومية وتؤثر في قدرة الفرد على التكيف والاستمرار بشكل طبيعي.
ويشير الخبراء إلى أن بعض الأشخاص قد يتغلبون على آثار الصدمة خلال أسابيع قليلة، بينما يعاني آخرون من اضطراب طويل الأمد يُعرف بـ”اضطراب ما بعد الصدمة” (PTSD) أو “الكرب”، وهو أحد أكثر الاضطرابات النفسية شيوعًا بعد التعرّض لأحداث مؤلمة.
ويؤكد الأطباء أن هذا الاضطراب ليس ناتجًا عن ضعف في الشخصية، بل هو استجابة طبيعية لتغيرات كيميائية في الدماغ تحدث بعد الصدمة. وتختلف مدة العلاج من ستة أشهر إلى عام، وقد تمتد لفترة أطول في الحالات المزمنة، ما يتطلب دعماً طبياً ونفسياً متخصصاً.
أعراض نفسية وجسدية خطيرة
تتنوّع أعراض “اضطراب الكرب” بين الخوف المفرط، القلق، الاكتئاب، اضطرابات النوم، صعوبة التركيز، ونوبات الغضب والتوتر الشديد. كما قد تظهر أعراض جسدية مثل التعب المزمن واضطراب الشهية.
ووفقًا لدراسة أجرتها منظمة الصحة العالمية في 21 بلدًا، فإن الأشخاص الذين مرّوا بتجارب قاسية مثل العنف أو الحروب أو فقدان الأحبة هم الأكثر عرضة للإصابة بهذا الاضطراب.
حلول الطب النفسي
وفي تصريحات خاصة لـ”إرم نيوز”، أوضح الدكتور جمال فرويز، استشاري الطب النفسي، أن حتى الحوادث البسيطة قد تؤدي إلى تفاقم الحالة إذا تعرض الشخص لاحقًا لمواقف مشابهة.
وأضاف أن اضطراب ما بعد الصدمة لا يصيب جميع الأشخاص، بل يظهر بوضوح لدى من لديهم استعداد وراثي أو تاريخ عائلي للأمراض النفسية، مشيرًا إلى أن أخطر الأعراض قد تشمل الكوابيس المزعجة والتبول اللاإرادي.
وبيّن فرويز أن العلاج يتم إمّا عبر العلاج السلوكي المعرفي (CBT)، أو من خلال الأدوية المهدئة ومضادات الاكتئاب وفقًا لطبيعة كل حالة، مؤكدًا أن الهدف هو تقليل تأثير الاضطراب في الجهاز العصبي ومساعدة المريض على التعامل مع ذكرياته المؤلمة.
واختتم حديثه بالتشديد على أن الالتزام بالعلاج النفسي والمتابعة المنتظمة يقللان بشكل كبير من احتمالية عودة الأعراض، خاصة عند تجنب المواقف المحفزة للصدمة.



