دراسة حديثة تكشف آثارًا عصبية عميقة للاعتداء الجنسي على الدماغ

كشفت دراسة علمية حديثة أن الاعتداء الجنسي لا يترك آثارًا نفسية فقط، بل يُحدث تغيرات عميقة في بنية الدماغ ووظائفه العصبية لدى النساء اللواتي يعانين من اضطراب ما بعد الصدمة (PTSD).
وعُرضت الدراسة ضمن المؤتمر السنوي الثامن والثلاثين للجمعية الأوروبية لعلم الأدوية النفسية والعصبية في أمستردام، وتُعد من أكبر الدراسات التي تركّز على الناجيات من الاعتداء الجنسي، اللواتي غالبًا ما يتم تمثيلهن تمثيلًا ناقصًا في الأبحاث العصبية.
وأوضحت فريق البحث من مستشفى “كلينيك” في برشلونة أن اضطراب ما بعد الصدمة الناتج عن الاعتداء الجنسي يتميّز بخصائص عصبية فريدة تختلف عن الصدمات الناتجة عن الحروب أو الكوارث الطبيعية، مشيرين إلى أن نحو 70% من النساء اللواتي يتعرضن لاعتداء جنسي يصبن بالاضطراب.
وشملت الدراسة 40 امرأة خضعن لتصوير دماغي متقدم بالرنين المغناطيسي لتقييم أنماط الاتصال العصبي بين مناطق الدماغ، وتبيّن أن أكثر من نصف المشاركات فقدن التواصل الوظيفي بين اللوزة الدماغية المسؤولة عن معالجة المشاعر والقشرة الجبهية الأمامية للتحكم بالانفعالات.
وقالت الباحثة الرئيسة، الدكتورة ليديا فورتيا: “الاتصال بين هاتين المنطقتين انخفض إلى الصفر أو ما يقاربه لدى 55% من النساء”، فيما وصف عالم الأعصاب السويدي مارين يوكيتش ذلك بأنه “دليل على اضطراب عميق في شبكات تنظيم العاطفة بعد الصدمة”.
وأظهرت النتائج أن اضطراب ما بعد الصدمة الناتج عن الاعتداء الجنسي يميل إلى أن يكون أشد وأكثر تعقيدًا، إذ يرتبط بمعدلات أعلى من الاكتئاب والقلق والأفكار الانتحارية مقارنة بأنواع الصدمات الأخرى.
وتلفت الدراسة إلى مفارقة لافتة، إذ لم يُسجَّل ارتباط مباشر بين شدة الأعراض النفسية وشدة اضطراب الاتصال العصبي، ما يفتح الباب لمزيد من الأبحاث لفهم العلاقة الدقيقة بينهما.
ويعتزم الباحثون مواصلة دراستهم لمعرفة ما إذا كان يمكن استخدام مؤشرات الدماغ العصبية للتنبؤ باستجابة المريضات للعلاج، بما قد يساعد في تخصيص الرعاية للنساء الأكثر حاجة إليها.
واختتمت الدكتورة فورتيا قائلة: “هدفنا أن نعيد للناجيات السيطرة على حياتهن، من خلال فهم أعمق للآليات العصبية التي تُبقي آثار الصدمة عالقة في الدماغ”.