دكتور محمد صبيح المطيري يكتب : التقدير الأوروبي لمصر والرئيس السيسي.. شراكة متنامية ورؤية مشتركة للاستقرار والتنمية

يشهد المجتمع الدولي في الآونة الأخيرة تقديرًا متزايدًا من الدول الأوروبية للدور المصري الإقليمي بقيادة الرئيس عبدالفتاح السيسي، وهو تقدير لم يأتِ من فراغ، بل نتيجة مسار ممتد من التعاون السياسي والاقتصادي والأمني بين مصر والاتحاد الأوروبي، أسهم في ترسيخ مكانة القاهرة كشريك محوري لأوروبا في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا.
أولًا: أسباب التقدير الأوروبي لمصر
1. الدور الإقليمي الفاعل لمصر
تُعد مصر قوة إقليمية مؤثرة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وتتحمل مسؤوليات جسيمة في دعم استقرار المنطقة. فمن القضية الفلسطينية إلى الأزمة الليبية، ومن الوساطة بين الفرقاء العرب إلى المبادرات الإفريقية في مجالات السلم والتنمية، أثبتت القاهرة بقيادة الرئيس السيسي أنها ركيزة أساسية للأمن الإقليمي، وصوتٌ متزنٌ يسعى للحلول الدبلوماسية لا التصعيد.
2. الشراكة الاقتصادية المتنامية
يُعتبر الاتحاد الأوروبي الشريك التجاري الأول لمصر، حيث بلغت قيمة التبادل التجاري بين الجانبين مليارات الدولارات سنويًا. وتعمل القاهرة وبروكسل على تعميق العلاقات الاقتصادية من خلال تعزيز الاستثمارات المشتركة، وتسهيل حركة رؤوس الأموال، وتطوير سلاسل القيمة الصناعية والزراعية، بما يخدم النمو المتبادل ويوفر فرص عمل للشباب المصري.
3. التعاون في مكافحة الهجرة غير الشرعية
نجحت مصر في أن تكون نموذجًا يحتذى به في إدارة ملف الهجرة. فمنذ عام 2016، لم تخرج من السواحل المصرية أي قوارب للهجرة غير الشرعية نحو أوروبا، وهو إنجاز أشادت به مؤسسات الاتحاد الأوروبي مرارًا. وترى أوروبا في مصر شريكًا موثوقًا يعتمد عليه في ضبط الحدود وتعزيز مسارات الهجرة الآمنة والمنظمة.

4. شراكة أمنية وسياسية ممتدة
تتعاون القاهرة وبروكسل في ملفات الأمن ومكافحة الإرهاب، فضلًا عن جهود مشتركة في مواجهة التطرف العابر للحدود، والأمن السيبراني، والجريمة المنظمة. هذا التعاون الاستراتيجي يعكس ثقة متبادلة وتنسيقًا دائمًا على أعلى المستويات السياسية والأمنية.
5. الاستقرار السياسي ودوره في جذب الشركاء
استطاعت مصر خلال السنوات الماضية تحقيق استقرار سياسي واقتصادي ملحوظ، انعكس على ثقة المؤسسات الأوروبية في القيادة المصرية. وتُعد القاهرة اليوم أحد أهم مراكز القرار الإقليمي التي تسعى أوروبا للتقارب معها لضمان توازن المصالح في المنطقة.
ثانيًا: نتائج لقاء الرئيس السيسي بقيادات الاتحاد الأوروبي
شهدت القمة المصرية الأوروبية الأخيرة في القاهرة حوارًا استراتيجيًا شاملًا، أسفر عن مجموعة من الاتفاقات والمبادرات التي تمثل نقلة نوعية في العلاقات بين الجانبين:
1. تعاون استثماري وتمويلي موسّع
أعلن الاتحاد الأوروبي عن تقديم دعم مالي لمصر بقيمة 4 مليارات يورو ضمن مبادرة الشراكة الاستثمارية الجديدة، بهدف تعزيز بيئة الأعمال وتمويل مشروعات البنية التحتية والطاقة النظيفة والتحول الأخضر.
2. دعم منظومة التدريب والتعليم الفني
انضمت مصر رسميًا إلى التحالف الأوروبي للتدريب المهني، ما يفتح آفاقًا جديدة لتأهيل الكوادر الشابة وتبادل الخبرات في مجالات الصناعة والتكنولوجيا والبحث العلمي.
3. حوار أمني ودفاعي شامل
بدأ الجانبان مناقشات تمهيدية لإطلاق حوار أمني ودفاعي مؤسسي، يهدف إلى تنسيق الجهود في مواجهة الإرهاب، وتأمين الممرات البحرية، والتعاون في مجال الاستخبارات والأمن السيبراني.
4. إدارة ملف الهجرة وتنظيمها
تم الاتفاق على تعزيز التعاون لإنشاء مسارات شرعية ومنظمة للهجرة، بما يحفظ كرامة الإنسان ويحد من أنشطة الهجرة غير النظامية التي تهدد أمن المتوسط.
5. الطاقة والتحول الأخضر
استعرض الطرفان التقدم المحرز في تنفيذ مشروعات الطاقة المتجددة والهيدروجين الأخضر في مصر، باعتبارها مركزًا إقليميًا لتصدير الطاقة النظيفة إلى أوروبا. وأكد الاتحاد الأوروبي دعمه لجهود القاهرة في التحول نحو الاقتصاد المستدام منخفض الانبعاثات.
6. دعم استضافة اللاجئين
أشاد الاتحاد الأوروبي بجهود مصر في استضافة ملايين اللاجئين من دول الجوار، وتوفير الخدمات الأساسية لهم دون تمييز. وتم الاتفاق على تعزيز الدعم المالي والفني لتخفيف الأعباء عن الدولة المصرية في هذا الملف الإنساني.
7. التعاون القضائي والأمني
بدأت مفاوضات تمهيدية لإبرام اتفاقية تعاون قضائي بين السلطات المصرية ومكتب المدعي العام الأوروبي، تشمل مكافحة غسل الأموال، والتهريب، والجرائم العابرة للحدود.
خاتمة: رؤية مشتركة لمستقبل متوازن
يؤكد هذا الزخم في العلاقات المصرية الأوروبية أن القاهرة أصبحت شريكًا لا غنى عنه لأوروبا في معادلة الأمن والاستقرار والتنمية. ومع استمرار الإصلاحات الاقتصادية والمبادرات الوطنية الطموحة، تتعزز ثقة المجتمع الدولي في قدرة مصر على قيادة مرحلة جديدة من التعاون الإقليمي والدولي، تحت قيادة الرئيس عبدالفتاح السيسي الذي يجمع بين رؤية تنموية داخلية متكاملة وحضور خارجي فاعل ومتزن.
الدكتور محمد صبيح المطيري، رئيس شركة دوا إيجيبت إنترناشونال للمكملات الغذائية




