اكتشاف “أساس وراثي مشترك” بين 8 اضطرابات نفسية

كشفت دراسة علمية حديثة عن وجود أساس وراثي مشترك بين ثمانية اضطرابات نفسية مختلفة، ما قد يمهّد لتطوير علاجات جديدة تستهدف أكثر من مرض نفسي في آنٍ واحد.
ووفقًا للبحث الذي أُجري في جامعة نورث كارولينا ونُشر مطلع العام الجاري، تمكّن العلماء من تحديد متغيرات جينية مشتركة تؤثر على مراحل متعددة من نمو الدماغ، وتظل نشطة لفترات طويلة، ما يجعلها ذات تأثير واسع على صحة الدماغ ووظائفه.
وقال عالم الوراثة هيجونج وون، المشرف على الدراسة، إن “البروتينات التي تنتجها هذه الجينات تتفاعل مع بروتينات أخرى داخل الدماغ، وأي تغييرات في هذه الشبكة قد تؤدي إلى تأثيرات واسعة النطاق مرتبطة باضطرابات نفسية متعددة”.
وتُعدّ هذه النتائج امتدادًا لاكتشاف سابق، حين نجح فريق دولي في تحديد 109 جينات ترتبط بثمانية اضطرابات نفسية، هي: التوحّد، واضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه، والفصام، والاضطراب ثنائي القطب، والاكتئاب الشديد، ومتلازمة توريت، واضطراب الوسواس القهري، وفقدان الشهية.
ويُعتقد أن هذا الترابط الجيني يفسّر تكرار ظهور أكثر من اضطراب نفسي لدى الشخص نفسه، كما في حالة التوحّد واضطراب فرط الحركة، حيث يُقدَّر أن نحو 70% من المصابين بأحدهما يعانون من الآخر أيضًا، إضافةً إلى انتشار هذه الحالات داخل العائلات نفسها.
ولفهم طبيعة هذا الارتباط، ووفقًا لموقع “ساينس أليرت”، قام الباحثون بتحليل نحو 18 ألف اختلاف جيني من الجينات المشتركة والفريدة، واختبارها في الخلايا العصبية النامية، ليتمكّنوا من تحديد 683 متغيرًا جينيًا له دور مباشر في تنظيم نشاط الجينات أثناء نمو الدماغ.
وأظهرت النتائج أن المتغيرات المشتركة، المعروفة علميًا باسم “متعددة التأثيرات” (Pleiotropic variants)، تنشط في أنواع مختلفة من خلايا الدماغ، وتشارك في عمليات تنظيمية تمسّ مراحل متعددة من التطور العصبي.
وأوضح وون أن “فهم الأساس الجيني لهذه المتغيرات لا يساعد فقط في تفسير تعقيد الاضطرابات النفسية، بل قد يفتح الباب أمام علاجات موحّدة تستهدف الجينات المشتركة بين أكثر من مرض نفسي”.
وتُشير تقديرات منظمة الصحة العالمية إلى أن واحدًا من كل ثمانية أشخاص حول العالم، أي نحو مليار شخص، يعيشون مع شكل من أشكال الاضطرابات النفسية، ما يجعل فهم جذورها الجينية خطوة مهمة نحو تطوير استراتيجيات علاجية أكثر شمولًا وفعالية.